دل القرآن على أن الله جل وعلا إذا أراد بأحدٍ خيرا جعله مباركا, فقال الله تبارك وتعالى عن عيسى بن مريم عليه السلام وهو يتحدث ويتكلم في المهد: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32)} (مريم:30-32), وموضع الشاهد من الآية قوله: { وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ } والمراد بأنه مباركٌ أين ما كان عليه السلام أن الله جل وعلا ينفع به خلقه ونفع الخلق من أعظم القربات إلى الله وأسعد الناس حظاً برحمة الله, من عم خيره من حوله في المقام الأول ثم من بعد ذلك......
كيف يكون الإنسان مباركا قبل أن تتجاوز البركة ذاته إلى غيره؟
إن صفاء السريرة ونقاء الطوية وحسن الصدق مع الله تبارك وتعالى من أعظم ما يجعل الانسان مباركاً ينفع الله جل وعلا به خلقه, هذه القلوب أوعية إما أن تمتلئ بمحبة الله وإجلاله وتعظيمة, وإما أن تمتلئ عياذا بالله بخلاف ذلك فأُولى الطرائق إلى أن يكون الإنسان مباركا معظما عند الله جل جلاله ينفع الله به خلقه أن يكون في نفسه في ذاته فيما انطوت عليه سريرته يريد ما عند الله تبارك وتعالى, ومثل هذا أيضا لا يتحقق إلا إذا كان الشخص نفسه رجلاً كان أو امرأة, ذكرا كان أو أُنثى عظيم المعرفة بالله جل وعلا , هي بناء ولبنات يبني بعضها على بعض, المعرفة بالله تقود إلى الرغبة فيما عنده, والرغبة فيما عند الله تدفع إلى العمل, والعمل هو الذي ينجم عنه ثمار يانعه يحسن وصفها حينذاك بأن ذالكم الشخص مباركا على نفسه وعلى أهله وعلى من حوله.